حكم حج من ترك صلاتين في منى

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

لم اصلى بعض الصلوات في الحج في منى اعتقد صلاتين فهل حجي صحيح

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن الراجح من قولي أهل العلم أن تارك الصلاة كافر، وهو مذهب أكثر السلف من الصحابة والتعابعين، غير أن الظاهر من الأدلة أن من ترك بعض الصلوات لا يكفر، كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في "مجموع الفتاوى" (7/ 615-617):
".... ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمنًا بقلبه، مقرًا بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزمًا لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمنًا في الباطن قط، لا يكون إلا كافرًا ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها... وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع، سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزءًا من الإيمان كما تقدم بيانه.

وحينئذ فإذا كان العبد يفعل بعض المأمورات ويترك بعضها، كان معه من الإيمان بحسب ما فعله، والإيمان يزيد وينقص، ويجتمع في العبد إيمان ونفاق؛ كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".

وبهذا تزول الشبهة في هذا الباب، فإن كثيرًا من الناس؛ بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ولا هم تاركوها بالجملة، بل يصلون أحيانًا ويدعون أحيانًا، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام؛ فإن هذه الأحكام إذا جرت على المنافق المحض - كابن أبي وأمثاله من المنافقين - فلأن تجري على هؤلاء أولى وأحرى". اهـ. مختصرًا.

إذا عرف هذا فمن ترك صلاتين في الحج، فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر، ويجب عليه التوبة النصوح، والعزم على عدم العود، ولكن حجه صحيح،، والله أعلم.