بشرى لمن أسبغ الوضوء في شدة البرد الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى ...

بشرى لمن أسبغ الوضوء في شدة البرد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:
فيا أخي الكريم، اعلم - رحمني الله وإياك - أن إسباغ الوضوء سببٌ في محو الخطايا والذنوب، ورفع الدرجات، فحين تتوضأ في أيام البرد، وتسبغ الوضوء، فأبْشِرْ بمحو الخطايا والذنوب، وأبْشِرْ برفع الدرجات؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه (251) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط)).
ومعنى إسباغ الوضوء أي: إتمامه، وإكماله باستيعاب المحلِّ بالغسل والمسح، وتثليث الغسل، وإطالة الغرَّة والتحجيل.
والمكارهُ ما يكرهه الإنسان ويشق عليه بسبب المشقة، والمراد هنا أن يتوضأ مع البرد الشديد، والعِلل التي يتأذى الإنسان معها بمسِّ الماء.
وقوله: ((وكثرة الخطى إلى المساجد))؛ أي: كثرة التردُّد إلى المساجد؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "وكثرة الخطى تكون ببُعْدِ الدار، وبكثرة التكرار"، وقد أخرج مسلم في صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من غدا إلى المسجد، أو راح، أعد الله له في الجنة نُزُلًا، كلما غدا، أو راح)).
وقوله: ((وانتظار الصلاة))؛ أي: انتظار وقتها، أو جماعتها، ((بعد الصلاة))؛ أي: بعد أدائها، يعني أنه إذا صلى بالجماعة، أو منفردًا ينتظر صلاةً أخرى، ويعلق قلبه بها، وذلك بأن يجلس في المسجد، أو في بيته ينتظرها، أو يكون في شغله، وقلبه معلق بها.
وقال النووي رحمه الله في قوله: ((فذلكم الرباط)): "أي: الرباط المرغَّب فيه، وأصل الرباط الحبس على الشيء، كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة، قيل: ويحتمل أنه أفضل الرباط كما قيل الجهاد جهاد النفس، ويحتمل أنه الرباط المتيسَّر الممكن؛ أي: إنه من أنواع الرباط، هذا آخر كلام القاضي، وكله حسن"؛ [شرح النووي على مسلم (3/ 141)].
وفقني الله وإياكم لفعل الخيرات واجتناب المنكرات، وحب ما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


وكتبه/ أبو عبدالله
محمد بن عبدالله العبدلي
اليمن - صنعاء.