المنطقة رقم 23

فريق عمل طريق الإسلام

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي ال22 منطقة التي قبلها، وما هي
المناطق التي تليها؟!!...

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -


ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذه الكلمات، كانت تراودني نفسي وتقول وبماذا ستفيد هذه الكلمات والجميع يعلم ويرى ما يحدث، هل ستقدمين جديدًا، ولكنني وجدت خوف من داخلي، خوف من المشاكل التي يمكن أن تسببها هذه الكلمات، فعلمت أن ترددي هذا ناشىء عن خوف من أي أحد غير الله، فقررت أن أروضها حتى لا أكون ساكتة عن الحق، كاتمة للشهادة...

من يقرأ عنوان المقال قد يعتقد أنه لغزًا بوليسًا يدور حول جريمة قام بها أحد الأشخاص تجاه فرد أو مجموعة الأفراد ونحاول فيه أن نبحث عن الجاني محاكاة بما يحدث في الروايات والأفلام البوليسية، والحقيقة أنه بالفعل يتحدث عن جريمة حدثت بل وتحدث يوميا، والحقيقة المُرة أيضًا أن الجاني معروف للجميع، والحقيقة الأمرّ من ذلك أننا قد نكون رأينا أو كُنا شهودًا على بعضها ولكننا لزمنا الصمت وكتمنا الشهادة، والواقع المرير يقول أن المسؤولين عن القبض عن الجناة قد يكونوا أحد الشهود على الجريمة ولكنهم التزموا الصمت كغيرهم إما لمصلحة وإما خوفًا على مستقبلهم وأنفسهم!!!...

وإليكم القصة...

على نيل القاهرة يقبع مبنى ضخم يبدو للناظر من بعيد أنه مستشفى حكومي معروف للجميع نظرًا لكمية الدعاية التي نالها خلال السنوات الماضية لأنهم كانوا يجمعون تبرعات لبناء مستشفي جديد وهو، وأيضًا لأن المنطقة المحيطة به أغلبها مستشفيات تابعة للحكومة وهي منطقة القصر العيني بالقاهرة...

من يقترب من المبنى أكثر ويحاول أن يدخل ليزور المرضى يجد أن الفقر هو العامل الرئيسي هناك ويبدو ذلك من شكل وملبس وهيئة أغلبية المرضى هناك... وهذه الأسباب جعلتهم هدف لكل من يريد أن يدعو لأي فكر وأي عقيدة، فهناك تجد الفكر الماسوني النابذ للأديان موجودًا تحت اسم نوادي الروتاري والروتر آكت، واللوينز، والمدعومين بكبار الشخصيات من الحكومة المصرية ومنها زوجة الرئيس شخصيا، وهم مسؤولون عن مستشفى سرطان الأطفال الجديد، ولطيبة وسذاجة بعض الدعاة يستجيب لدعوتهم بعمل بعض دعاية عن المستشفى ليتم استخدامه كوسيلة لجمع الأموال، ثم يأتي هؤلاء الماسونيين في إعلان آخر بأحد رجال الكنيسة ليدعو الناس لجمع التبرعات الخيرية، وبهذا في تفكيرهم يكونوا قد ارضوا الجميع!!!، بل في بعض الأحيان يضعون من يمثل الدين الإسلامي وأحد من يمثل الكنيسة في إعلان واحد ليوضحوا فكرة وحدة الأديان!!!، ويندفع بعض الدعاة بطيب نية وراء هذه المهاترات والسخافات التي يريدون الترويج لها، وإن دقق أحدهم النظر لعلم عمق القضية، بل لقد سمعت من أحد الأطباء المسؤولون عن جمعية أصدقاء معهد الأورام مرة بنفسي يقول: "أنهم قد تلقوا تبرعات بمبلغ مليون جنيه مصري من مطاعم ماكدونالدز"، ثم يعقب ساخرا قائلا: "بالتأكيد ستقولون لي أن هذه المطاعم أمريكية، وما يهمني أنا إن كان أمريكيا أو حتى إسرائيليًا، فكل ما يهمني هو أن يعطيني المال!!!"... وهذه الكلمات سمعتها بنفسي عندما كنت ما أزال طالبة في الجامعة وأذهب إلى هناك لرعاية المرضى، وكانوا من فترة لأخرى يقومون بعمل اجتماعات لنا للدعاية عن المشروع الجديد ويستغلون طيبة وحسن نية المتطوعين، ومنذ سمعت هذه الكلمات، وفهمت عمقها، وعلمت فتوى تكفير من يتبع لهذه المنظمات، علمت مدى المؤامرة على الإسلام....

ونعود إلى موضوعنا الرئيسي من جديد...

ولنصعد سويا درج المبنى حتى نصل إلى عنابر المرضى... نبدأ بمرضى من نوعٍ خاص... مرضى تتعجب من وجودهم في هذا المكان نظرًا لأن أقرانهم في النوادي والحدائق والمتنزهات يلعبون، ولكن قَدر الله لهم أن يبتليهم بهذا المرض الخطير الذي يَهُد عزيمة الكبار فما بالنا بالصغار؟!... ترى الطفل منهم وقد بدت علامات الكهولة على وجهه وهو ما يزال لم يكمل عامه الثالث بعد، وترى الطفلة منهم فتكاد بصعوبة تميزها عن الطفل الذكر لأن العلاج الكيميائي قد أتى على شعرها الذي هو زينة الأنثى وبه تتميز...

ندخل العنابر لنجد ثمان أسرة في عنبر واحد، وعلى كل سرير منهم طفل ومعه أمه التي تركت بيتها وأولادها لتجلس بجوار هذا المسكين تراعيه وتقوم على شؤونه، وغالبهم بل يكاد يكونوا كلهم من الطبقة البسيطة جدا من الشعب، طبقة بسيطة الحال في هيئتها وتعليمها وطريقة كلامها، طبقة أظن أنهم بالكاد يتحملون مصاريف مأكل ومشرب أبنائهم... وعندما تراهم تستشعر بمدى نعم الله عليك من صحة وعلم وغيره الكثير، هذه النعم نكاد نكون قد نسيناها في ظل واقعنا المادي المرير القائم على التنافس فكان عاقبة هذا التنافس على الدنيا أن عاقبنا الله بعدم استشعار أي نعمة في يدينا لأننا دائما ننظر لما في يد غيرنا...

كنا نذهب يوم الجمعة صباحًا في بعض الأحيان لنقص بعض من قصص الأنبياء التي فيها ابتلاءات لنشعرهم أنهم ليسوا وحدهم المبتلين - وليس لأن رب محمد لا ينفعهم كما سمعنا عن بعض ما يقوله لهم المنصرين الذين يذهبون إلى هناك-، بل هناك من هو أحب إلى الله منا جميعا وقد ابتلاهم الله ليطهرهم ويعزهم ويكرمهم...

وكنا في بعض الأحيان نجد زوارًا لهم من نوعٍ آخر غيرنا... زوار جاؤوا بعدتهم وعتادهم... زوار جاؤوا ليصدوهم عن سبيل الله... وهؤلاء الزوار هم زوار من الكنيسة وكانوا يتعمدون أن يأتوا وقت صلاة الجمعة والأغلبية مشغولون ولا يوجد سوى النساء؛ حتى لا يشعر بهم أحد!!!

كان عددنا قليل لا نكاد نعدد على أصابع اليد الواحدة، ولكنهم لا يقلون عن العشرين شابًا وفتاة، منهم المصريين ومنهم الأجانب، أتوا ومعهم من الهدايا واللعب ما يساوي قيمته الآلاف، فكنا نتحير ماذا نفعل معهم لأننا نعرف أنهم قد يكونوا مدعومين من الحكومة نفسها، وإن تكلمنا فلربما ينقلب الوضع علينا نحن ونمنع من القدوم مرة أخرى...

كنا نراقب الوضع من بعيد ونشاهد ماذا يحدث... يكاد قلبنا ينفطر لما نراه، ولكن ليس بيدنا أي شيء...

وجدت مرة معهم صندوقا ضخما، طوله حوالي مترين وعرضه لا يقل من متر أو متر ونصف ويبدو وكأنه قد تم شحنه لهم كما هو من جهة خارجية، ووجدت مكتوبًا على الصندوق "منطقة رقم 23"... لم استطع أن ألفت وجهي للحظات عندما قرأت هذه العبارة... شعرت وكأن أحدًا قد صفعني على وجهي من شدة الصدمة، وأخذت أدقق "منطقة رقم 23"!!!، أي أن قبلها 22 منطقة!!!، وتُرى كم بعدها من المناطق؟!!...

كانوا يوزعون على كل طفل صندوقا صغيرًا، فطلبنا مرة من أحد الأهالي أن يرينا ما بالصندوق بعد أن مضى هؤلاء المنصرين، فوجدنا الصندوق مليء باللعب والملابس، والأدوات المدرسية، والألوان وكتب التلوين، أشياء لا يقل ثمنها عن 60 جنيهًا مصريًا إن لم يكن مائة أو أكثر، أي ما يوازي من 12 إلى 20 دولار تقريبًا... هذا ونحن نتحدث عن أن العنبر الواحد به ثمان أسرة والدور الواحد به حوالي خمس أو ست عنابر فتُرى من أين يأتي هؤلاء بكل هذه الأموال؟!!، وكيف تتركهم الحكومة في حين تضيق على أي تحويل يأتي من الخارج لأي جمعية إسلامية؟!... سؤال نطرحه ونكمل القصة....

كنت في زيارة هناك من فترة وسألت عن هؤلاء الزوار هل مازالوا يأتون؟، فأجابوني أنه قد وقعت واقعة منعتهم من معاودة المجيء وهي أنهم أتوا في يوم وبالمصادفة كان هناك إحدى الجمعيات الخيرية في نفس الوقت، وقاموا بتوزيع هدايا على المرضى ومن ضمنها نسخًا صغيرة من الأناجيل، فجرى الدم في عروق أحد المرضى وذهب ليبلغ الممرضة المسؤولة بما حدث وأعطاها الإنجيل الذي وزعوه عليهم، فما كان من الممرضة إلا أن أبلغت أحد الأطباء الشرفاء... وانتهى الموضوع بأنهم منعوهم من الدخول إلى هناك مرة أخرى...

القصة بفضل الله انتهت نهاية سعيدة لأن هذا المكان يلقى اهتمام واسع من الجمعيات الخيرية الإسلامية، والدعاة، وحتى الأفراد، لكن ما بالنا بباقي المناطق التي لا يعلم أحد عنها شيئًا...

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي ال22 منطقة التي قبلها، وما هي المناطق التي تليها؟!!...

صيحة إنذار لنا جميعا، وسؤال أتمنى أن أجد إجابته...

مروة يحيى

المصدر: طريق الإسلام